الأحد، 22 مايو 2011

رحرحة كسارة الحصمة تبدد صمت ليل غزة


كأنها سيمفونية تعزف ألحان البقاء لشباب غزة ورجالها الذين يحفرون الأرض ويطحنون الزلط من أجل لقمة أطفالهم المحرومين من أبسط حقوق الطفولة الضائعة في غزة هاشم، تلك الطفولة التي لم نعشها حقيقة، فأطوار الإنسان تتبدل بسرعة البرق بغزة، فقد أصبحنا شباباً من سن مبكرة ..مبكرة جداً، تستوقفني وأنا أكتب هذه السطور مشاهد أيام أن كنا أطفالاً في سن الرابعة إلى العاشرة ونحن نقف طوابير على باب (الطعمة) التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

لقد عزفت سيمفونية كسارة الحصمة الواقعة قرب وادي غزة والتي لا تبعد عن شرفة الغرفة التي أجلس بها سوى مئات قليلة من الأمتار الساعة 12:30 بعد منتصف الليل بقليل، تطرق آذاني كلمات ابن شقيقتي الذي يعمل في إحدى تلك الكسارات تحت حرارة الشمس الحارقة وبمقابل يومية لا تكاد تكفي لسد الاحتياجات الشخصية لشاب بلغ من العمر السابعة والعشرون ربيعاً بعد أن تخرج من جامعة الأقصى بغزة باحثاً اجتماعياً وهو يروي لي تلك المعاناة التي يعانيها والإصابات التي قد أودت بحياة الكثير من الرجال أثناء ممارسة تلك المهنة الخطرة، هذه حياة شباب غزة ورجالها.

عندما أنظر لأولئك الشباب يشدني الإعجاب بهم من قدرتهم الرهيبة على التحمل وأقول في نفسي صدق الختيار إنهم حقاً "شعب الجبارين"، وأعود بالزمن قليلاً إلى طفولتنا التي سلبت من احتلال غاشم سلب الأرض وهجر أهلها ولم يكتفي، فقد اشتعلت انتفاضة الحجارة كنت حينها طفلاً في العاشرة واتذكر تلك الايام شاخصة أمامي عندما كان جيش الاحتلال يعمد إلى تخريب المسيرة التعليمية عند اقتراب سيارات الجيب العسكرية من أسوار مدارسنا ويخرج الطلبة ليمطرونهم بالحجارة، ليصاب من يصاب ..ويعتقل من يعتقل وتغلق المدارس بالأشهر لنذهب للمساجد لإكمال المسيرة التعليمية بإصرار وتحدي، ولكن هؤلاء الشباب لربما يكون لهم حظاً أوفر في التعليم الجامعي ولكنهم يصطدمون بغول البطالة بعد التخرج، ما يدفعهم للرضا بالعمل في مثل تلك الأعمال الشاقة، كذلك عمالنا الذين نهشتهم الأيام الصعبة دون أن يلتفت لمعاناتهم أحد، ولحسن حظ الشعب الفلسطيني فإن له حكومتين ولكن للأسف كلتاهما لا تلقي لخريجي الجامعات بالاً وهم من المفترض أنهم الصفوة، كما العمال عصب الاقتصاد، لذلك أطلق هذا النداء لحكومة التوافق الوطني القادمة، والتي نأمل أن تلبي طموح أبناء شعبنا الجريح بكافة شرائحه خصوصاً الشباب الخريجين والعمال مستشهداً بقول أفضل الخلق :"كلكم راعٍٍ وكلكم مسئول عن رعيته" فلتتقوا الله في هذه الفئات التي تمثل قطاعاً عريضا من أبناء شعبنا....وللحديث بقية 

هناك تعليق واحد: